أكدت متحدثون في الدورة الثالثة من مؤتمر الاستثمار في المستقبل، الذي تنظمه مؤسسة “القلب الكبير”، على مدار يومين في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، تحت شعار “الشباب: تحديات الأزمات وفرص التنمية”، على الدور الكبير الذي يلعبه قطاع ريادة الأعمال في تمكين الشباب والسيدات اقتصادياُ ومهنياً، ورفد سوق العمل بمزيد من فرص العمل.
جاء ذلك في الجلسة النقاشية التي حملت عنوان “ريادة الأعمال كمحفز ودافع للنمو والتشغيل”، وشارك فيها كلٌ من سيف أبو زيد، الرئيس التنفيذي في مدرسة مافريكس الدولية، ووليد عبد الرحمن، الرئيس التنفيذي لشركة MUMM، ونجلاء المدفع، المدير التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال “شراع”، وآسيا ريتشو، مؤسسة مبادرة Evolvin Women، وأدارها جوكهان ديكمينر، أخصائي تقني لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من مركز اسطنبول الدولي للقطاع الخاص في التنمية.
وأشار المتحدثون في الجلسة إلى أن بطالة الشباب تعد من بين التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً في المنطقة حوالي 30 %، وهو من أعلى المعدلات في العالم، ومن المتوقع أن يستمر لأكثر من عقد من الزمان، وأجمع المتحدثون على أن ريادة الأعمال تعتبر قوة دافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأداة تمكين للتنمية المستدامة، مما يجعل لها دوراً في خلق الفرص وتحسين سبل المعيشة في المستقبل.
وبدأت نجلاء المدفع حديثها في الجلسة بالتأكيد على أن قطاع ريادة الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة يشهد تنامياً مستمراً، ويعد انعكاساً طبيعياً للاهتمام الكبير الذي يجده من الحكومة، التي ترى فيه أحد أهم الدعامات التي يقوم عليها الاقتصاد وتتحقق بها التنمية المستدامة، لافتةً إلى أن الحكومة تتخذ مزيداً من الخطوات لتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة لرؤوس الأموال.
واستعرضت المدفع تجربة مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع) وسعيه إلى تشجيع الشباب للدخول إلى عالم ريادة الأعمال بقولها :” انطلق مركز الشارقة لريادة الأعمال في يناير 2016، ليكون منصة لتحفيز رواد الأعمال في دولة الإمارات الطامحين لخوض غمار عالم الأعمال من بوابة المؤسسات الصغيرة والناشئة، وتحتضنه الجامعة الأمريكية بالشارقة، ونستهدف فيه الطلبة الراغبين في أن يكونوا روادًا للأعمال ممن لديهم أفكار جديدة، وتبحث عن الدعم سواء المادي أو الفني، سعياً منا لبناء الجيل المستقبلي من رواد الأعمال”.
وأضافت المدفع: “يمكن لقطاع ريادة الأعمال توفير الكثير من الفرص الواعدة والمساهمة في رسم مستقبل واعد لجيل الشباب، وبالنظر للتحديات التي تواجههم في هذا المجال إذ لازالت الشركات الناشئة يتعذر عليها الحصول على قروض من المصارف، بالإضافة إلى تأثير ثقافة الخوف من الفشل على أحجام الكثيرين من المبادرة والبدء في إطلاق المشاريع، لذلك يجب العمل على تخطي هذه التحديات وتسليط الضوء على نماذج لشركات ناشئة حققت النجاحات كبيرة”.
ومن جانبها استعرضت آسيا ريتشو، تجربتها في مبادرة Evolvin Women، وقالت :” Evolvin Women هي مبادرة اجتماعية أطلقناها في العام 2016 من دبي، ونهدف من خلالها إلى تقديم حزم دعم اقتصادي للنساء اللاتي يعانين من فرصة الحصول على عمل أو وظيفة في قارة أفريقيا، ونستهدف بشكل أساسي السيدات المتضررات من الحروب والكوارث اللواتي يفتقدن العون، واللواتي تعرضن للعنف الجنسي”.
وأضافت آسيا ريتشو: “نعمل في Evolvin Women، على توفير بيئة مواتية تساعد السيدات على إطلاق نماذج ناجحة لأعمالهن، من خلال التدريب وتوفير الدعم الذي يساعدهن على إطلاق مشاريع توفر لهن مصادر دخل مستمرة، وخلال تجربتنا في هذا المجال نجد أن أكبر التحديات التي واجهتنا تتمثل في صعوبة الوصول إلى الأسواق في المناطق البعيدة، إلى جانب أن معظم السيدات اللواتي عملن معهن لم يكن لديهن خيارات أخرى للحصول على وظيفة”.
ومن جهته استعرض سيف أبو زيد تجربة مدرسة مافريكس التي أطلقها قبل ثلاثة أعوام، وقال: “سعيت من خلال اطلاق مافريكس إلى إدخال مجال ريادة الأعمال في مجال التعليم حيث ندير حالياً ثلاث مدارس، نتبنى من خلالها أسلوباً جديداً ومبتكراً في التدريس يستند بشكل أساسي على الطفل وليس المنهج كون الطفل يعتبر محور العملية التعليمية، ونستهدف حتى الآن الطلاب من الصف الأول وحتى الثاني عشر ونتطلع في المستقبل القريب إلى إدراج مراحل تعليمية أخرى إلى نظامنا”.
ومن جهته استعرض وليد عبدالرحمن النجاحات التي حققها مشروع Mumm ، وهو سوق إلكترونية لشراء الطعام المطبوخ في المنزل، مؤكداً الفرص الكبيرة التي قدمها لربات المنازل في الحصول على مصدر دخل مستدام لهن من خلال العمل في المنزل، ولفت وليد عبدالرحمن إلى كيفية النجاح في تحويل قطاع تقليدي إلى عالم ريادة أعمال واسع.
ويهدف المؤتمر الذي ينطلق كل عامين إلى تسليط الضوء على القضايا الهامة والإنسانية وفتح النقاش لإيجاد الحلول، ويحضر هذا المؤتمر ممثلون عن الحكومات والمنظمات الدولية واللاجئين إضافة إلى أكاديميين وشبان وخبراء من المنطقة وخارجها وذلك بهدف إيجاد طرق ملموسة لحل العقبات والتحديات التي تواجه الشباب. كما سيعمل المؤتمر على تسليط الضوء على الحاجة لتعزيز الشراكات القائمة وإنشاء شراكات جديدة بهدف الخروج بخارطة عمل دولية من الشارقة للاستثمار الفاعل في مستقبل شباب العالم.
يشار إلى أن مؤسسة القلب الكبير تأسست في مايو 2015، بعد عدد من المبادرات والحملات التي أطلقتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي. وتتمثل رؤية المؤسسة بحماية الفقراء والمستضعفين والمحتاجين، وتمكينهم، وتوفير سبل العيش الكريم، ولتحقيق أهدافها، تشرف المؤسسة حالياً على أربعة صناديق، وهي: “صندوق دعم الأطفال الفلسطينيين”، و” صندوق اللاجئين والنازحين داخلياً “، و”صندوق تمكين الفتيات”، و”صندوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.